سورة الأنعام - تفسير نيل المرام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


الآية الخامسة:
{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)}.
{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ} قد اختلف أهل العلم: هل هذه محكمة؟ أو منسوخة؟
أو محمولة على الندب؟ فذهب ابن عمر وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير إلى أن الآية محكمة، وأنه يجب على المالك يوم الحصاد أن يعطي من حضر من المساكين القبضة والضّغث ونحوهما.
وذهب ابن عباس ومحمد بن الحنفية والحسن والنخعي وطاووس وأبو الشعثاء، وقتادة والضحاك وابن جريج إلى أن هذه الآية منسوخة بالزكاة، واختاره ابن جرير.
ويؤيده أن هذه الآية مكية وآية الزكاة مدنية في السنة الثانية بعد الهجرة، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم من السلف والخلف.
وقالت طائفة من العلماء: إن الآية محمولة على الندب لا على الوجوب.
{وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)}: ومثلها في الأعراف، أي لا تسرفوا في التصدق.
وأصل الإسراف في اللغة: الخطأ.
وفي الفقه: التبذير.
وقال سفيان: ما أنفقت في غير طاعة اللّه تعالى فهو إسراف، وإن كان قليلا.
وقيل: هو خطاب للولاة يقال لهم: لا تأخذوا فوق حقكم، وقيل: المعنى: لا تأخذوا الشيء بغير حقه، ولا تضعوه في غير مستحقه.


الآية السادسة:
{قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)}.
{قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ}: أمره اللّه سبحانه بأن يخبرهم أنه لا يجد في شيء مما أوحى إليه أي القرآن، وفيه إيذان بأن مناط الحل والحرمة هو الوحي لا مجرد العقل.
{مُحَرَّماً}: غير هذه المذكورات، فدل ذلك على انحصار المحرمات فيها لو لا أنها مكية وقد نزل بعدها بالمدينة سورة المائدة، وزيد فيها على هذه المحرمات المنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة.
وصحّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم تحريم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير.
وتحريم الحمر الأهلية، والكلاب، ونحو ذلك.
وبالجملة فهذا العموم إن كان بالنسبة إلى ما يؤكل من الحيوانات، كما يدل عليه السياق، ويفيده الاستثناء، فيضم إليه كل ما ورد بعده في الكتاب والسنة، مما يدل على تحريم شيء من الحيوانات، وإن كان هذا العموم هو بالنسبة إلى كل شيء حرمه اللّه من حيوان وغيره، فإنه يضم إليه كل ما ورد بعده مما فيه تحريم شيء من الأشياء.
وقد روي عن ابن عباس وابن عمر وعائشة أنه لا حرام إلا ما ذكره اللّه في هذه الآية، وروي ذلك عن مالك وهو قول ساقط ومذهب في غاية الضعف لاستلزامه إهمال غيرها مما نزل بعدها من القرآن، وإهمال ما صح عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنه قال بحرمة شيء مثلا، بعد نزول هذه الآية بلا سبب يقتضي ذلك، ولا موجب يوجبه، مع أن التمسك بقول أحد، ولو كان صحابيا، في مقابلة قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من سوء الاختيار وعدم الإنصاف.
وقوله: {مُحَرَّماً}: صفة لموصوف محذوف، أي طعاما محرما.
{عَلى} أي {طاعِمٍ يَطْعَمُهُ}: من المطاعم، وفي {يَطْعَمُهُ} زيادة تأكيد وتقرير لما قبله.
{إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً}: أي ذلك الشيء، أو ذلك الطعام، أو العين، أو الجثة، أو النفس، قرئ بالتحتية والفوقية وقرئ: ميتة، بالرفع على أن يكون تامة.
{أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} وهو الجاري، وغير المسفوح معفو عنه، كالدم الذي يبقى في العروق بعد الذبح، ومنه الكبد والطحال، وهكذا ما يتلطخ به اللحم من الدم.
وقد حكى القرطبي الإجماع على هذا.
{أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ}: ظاهر تخصيص اللحم أنه لا يحرم الانتفاع منه بما عدا اللحم، والضمير في: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}، راجع إلى اللحم أو إلى الخنزير.
والرجس: النجس، وقد تقدم تحقيقه.
{أَوْ فِسْقاً} عطف على {لَحْمَ خِنزِيرٍ}.
و{أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}: صفة فسق، أي ذبح على الأصنام وغيرها، وسمي فسقا لتوغله في باب الفسق، ويجوز أن يكون فسقا مفعولا له لأهلّ، أي أهلّ به لغير اللّه فسق على عطف أهلّ على يكون، وهو تكلف لا حاجة إليه.
{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ}: قد تقدم تفسير ذلك في سورة البقرة فلا نعيده.
{فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ}: أي كثير المغفرة.
{رَحِيمٌ (145)}: أي كثير الرحمة، فلا يؤاخذ المضطر لما دعت إليه ضرورته.

1 | 2